المتابعون

السبت، 7 يوليو 2018

بني شيبان ومعركة ذي قار / اولا

بني شيبان ومعركة ذي قار

مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم السلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين .
بنو شيبان أحد أشهر بطون قبيلة بكر بن وائل من قبائل ربيعة ، ويرجع نسبهم إلى شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل . وهم من أقدم القبائل التي استوطنت العراق ، وعاشت في ربوعه .
وكانت أصولهم من الحجاز ومساكنهم في العراق ، من البصرة إلى ذي قار ، وكانوا مع قبيلة عجل بن لجيم كالحليفين .
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 4 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وقد زارهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) في موسم الحج في مكة ، وعرض عليهم أن يحموه من قريش حتى يبلغ رسالة ربه ، فقال له رؤساؤهم ومنهم المثنى بن حارثة : « إنما أنزلنا بين ضرتين ! فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ما هاتان الضرتان ؟ قال : أنهار كسرى ومياه العرب ، وإنما نزلنا على عهد أخذه علينا كسرى لا نحدث حدثاً ولا نؤي محدثاً ، وإني أرى هذا الأمر الذي تدعو إليه مما تكرهه الملوك ، فإن أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه العرب ، فعلنا .
فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم بالصدق ، وإن دين الله لن ينصره إلا من أحاطه الله من جميع جوانبه ، أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلاً حتى يورثكم الله أرضهم وديارهم وأموالهم ويفرشكم نساءهم ، أتسبحون الله وتقدسونه ؟ فقال النعمان بن شريك : اللهم لك ذلك » . ( شرح الأخبار للقاضي النعمان المغربي : 2 / 387 ) .
وسرعان ما حقق الله عز وجل وعد رسوله ( صلى الله عليه وآله ) للشيبانيين ، فانتصروا على كسرى ، ووفوا بوعدهم للنبي ( صلى الله عليه وآله ) !
فبعد أن انهزم كسرى على يد هرقل ، ساءت أخلاقه مع رجال دولته ، وقام بقتل النعمان بن المنذر ملك الحيرة ، وكان كسرى أودع عنده دروعاً ووسائل حرب ، قيل إنها ألف درع أو نحوها ،
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 5 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
فلما أحس المنذر بالخطر من كسرى ، أودعها مع عائلته عند بني شيبان ، ولما قتله كسرى طلب منهم تسليم الدروع وعائلة المنذر فأبوا ، وأرسل إليهم جيشاً قوياً فقاتلوه ، وكان شعارهم يا محمد ! فنصرهم الله تعالى وهزموا جيش كسرى ، وأرسلوا وفداً إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) يحمل خمس غنائمهم ، ودخل بعضهم في الإسلام ، وكان ذلك بعد معركة بدر بأربعة أشهر أو خمسة . ( تاريخ اليعقوبي : 2 / 46 ) .
ومن ذلك اليوم تمهد تحرير العراق أمام بني شيبان وحلفائهم ، واستفادوا من اضطراب نظام كسرى بعد أن قتله ابنه شيرويه ، فقاموا بفتح أكثر العراق ، ولم يحتاجوا من المسلمين مدداً ، إلا في معاركهم الأخيرة على أطراف العراق وداخل إيران .
وبذلك تعرف أن البطولات التي سطرها رواة السلطة القرشية لخالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص في فتح العراق ، مبالغ فيها ، وأن الفعل الميداني كان لبني شيبان وحلفائهم ، ولكن السلطة أعطت بطولاتهم لمن تحبهم !
ولئن بالغ شاعرهم ابن نصلة الشيباني وهو قائد في الفتوحات ، في مدح قومه ، فإنهم أحق به من غيرهم في فتح العراق ، قال :
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 6 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
شيبان قومي وليس الناس مثلهم * لو ألقموا ما تضئ الشمس لالتقموا
لو يقسم المجد أرباعا لكان * لنا ثلاثة وبربع تجتزي الأمم
ثلاثة صافيات قد جمعن لنا * ونحن في الربع بين الناس نستهم
( الوافي للصفدي : 5 / 114 )
في الختام لا بد أن أشكر الأخ الباحث الشيخ عبد الهادي الطهمازي الذهلي الشيباني ، الذي بذل جهده في خدمة تاريخ الإسلام وبني شيبان ، وفقه الله وتقبل منه ومنا .
كتبه : علي الكوراني العاملي
16 / ربيع الأول / 1430
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 7 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

دور بني شيبان في معركة ذي قار


دور بني شيبان في معركة ذي قار وتحرير لتحرير العراق 
1 - شيبان وجدُّه بكر بن وائل

بكر بن وائل من أشهر قبائل ربيعة ، المنسوبة إلى القبائل العدنانية من نزار بن معد بن عدنان قالوا إن أم وائل ثقفية ، وإنه تزوج هنداً بنت تميم بن مُرّ فأولد منها بكر بن وائل ، وتغلب بن وائل ، وعنز بن وائل ( المعارف لابن قتيبة / 91 ) وصارت ذراريهم قبائل كثيرة العدد .
وأولد بكر بن وائل كلاً من : علي بن بكر ، وبَدَن بن بكر ، ويَشْكر بن بكر ( المعارف / 97 ) وأولد علي صعباً ، وأولد صعب : عكابة بن صعب ، ولجيم بن صعب ، ومالك بن صعب . ثم أولد عكابة ثعلبة ، وأولد ثعلبة شيبان .
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 8 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

2 - منازل بكر بن وائل

كانت ديار بكر بن وائل في اليمامة غرباً إلى البحرين شرقاً ، ومن البحرين وأسياف البحر جنوباً إلى الأبلَّة في البصرة ، ثم امتدَّت إلى هيت شمالاً ، ثم توغلت داخل العراق في أعالي دجلة شمالاً إلى ما يعرف اليوم بديار بكر في تركيا ( معجم قبائل العرب : 1 / 93 )
وزادت أعداد بطون هذه القبيلة بعد الإسلام وإنشاء مدينتي البصرة والكوفة ، وضمت خطة قبائل بكر بن وائل في البصرة بطوناً كثيرة مثل : بني عجل بن لجيم ، وبني قيس بن ثعلبة ، وبني تيم الله بن ثعلبة ، وسدوس ، ويشكر ، وذهل ، وحنيفة كما كانت مع تغلب في الكوفة سُبْعاً وعليهم وعلة بن مخدوج .

3 - أشهر بطون بكر بن وائل

1 - بنو شيبان : وهم بنو شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ، وهم موضوع بحثنا .
2 - بنو تيم الله بن ثعلبة : وهم أولاد تيم بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل .
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 9 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
3 - بنو ذهل بن ثعلبة : وهم بنو ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ، ويعبر عنهم بذهل الأصغر قبالة ذهل بن شيبان ، حيث يعبرون عنهم بذهل الأعظم لكثرتهم .
4 - بنو قيس بن ثعلبة : وهم بنو قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر .
5 - بنو عجل بن لجيم : وهم بنو عجل بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ، ولجيم أخٌ لعكابة بن صعب .
6 - بنو حنيفة بن لجيم : وهم بنو حنيفة بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ، وحنيفة أخ لعجل بن لجيم .
7 - بنو يشكر بن علي بن بكر بن وائل ، كانوا يسكنون اليمامة .
8 - سدوس بن ثعلبه : أخ شيبان ، وثعلبة بن صعب بن عكابة .

4 - أشهر بطون بني شيبان

لشيبان أربعة أولاد : ذهل وتيم وثعلبة وعوف ، ولا عقب لعوف ( المعارف / 99 ) . وفي أولاد ذهل وثعلبة الكثرة والعدد ، قال أبو عمرو بن العلاء : جاء الإسلام وأربعة أحياء قد غلبوا الناس كثرة
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 10 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
، شيبان بن ثعلبة ، وجشم بن بكر بن تغلب ، وحنظلة بن صعصعة وحنظلة بن مالك . ( الإنباه على قبائل الرواة ابن عبد البر : 87 )
وأشهر بطون بني شيبان هم :
1 - بنو أسعد بن همام : والنسب إليه أسعدي ، وهم بنو أسعد بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان ، قال ابن ماكولا : وهم جماعة كثيرة ، ولهم الآن بقية صالحة . ( إكمال الكمال : 1 / 155 )
2 - أُمامة : وهم بنو قيس وحارثة ابني عمرو المزدلف بن أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان ( معجم قبائل العرب : 1 / 40 ) ، وأُمامة أمهم فنسبوا إليها ( الأعلام : 5 / 205 ) وكان حارثة يلقب بذي التاج ، وكان على بكر بن وائل يوم أوارة حيث قتلوا المنذر بن ماء السماء ملك الحيرة ، وعدُّوا بني قيس بطنا برأسه .
3 - بجاد : قالوا : هم قبيلة من شيبان . ( معجم قبائل العرب : 1 : 61 )
4 - بنو بجير بن مرة : بن ذهل بن شيبان ( المصدر السابق : 1 : 62 )
5 - بنو تيم بن شيبان : والنسب إليه تيمي ، وفيهم السؤدد والسخاء ( المعارف : 99 ) ، ومن ديارهم القحقح كانوا يشاركون بني رياح بن يربوع من تميم سكناها ( معجم ما استعجم : 3 / 1049 ) ، منهم
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 11 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
جعفر بن ورقاء أمير بني شيبان بالعراق ، ومنهم جبلة بن سحيم التيمي التابعي .
6 - بنو ثعلبة بن شيبان : بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ، وهم بطن كبير ( معجم قبائل العرب : 1 : 145 )
7 - بنو جساس بن مرة : بن ذهل بن شيبان ( المصدر السابق : 1 : 186 )
8 - بنو جندب بن مرة : بن ذهل بن شيبان ، وهو أخو جساس ( المصدر السابق : 1 : 210 )
9 - بنو حوشب : بن يزيد بن الحارث ، بن يزيد بن رويم ، بن عبد الله بن سعد بن مرة بن ذهل بن شيبان ، والنسب إليه حوشبي ، منهم شهاب بن خراش أبو الصلت الشيباني . ( سير أعلام النبلاء : 8 / 284 )
10 - الخِدرة : بكسر الخاء ، لقب عمرو بن ذهل بن شيبان ، وهو غير الخدري من الأنصار الذي ينسب إليه أبو سعيد الخدري . ( تاج العروس : 6 / 332 )
11 - بنو دب بن مرة بن ذهل بن شيبان ومنهم غياث بن عمران بن مرة قتله معاوية مع حجر بن عدي ( معجم قبائل العرب : 1 : 373 )
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 12 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
12 - بنو ذهل بن شيبان بن ثعلبة بن عكابة ، والنسب إليه ذهلي وهم كثرة منهم : بنو مرة بن ذهل ، ومحلم والحارث وربيعة ، وأمهم رقاش . وعبد غنم بن ذهل ، وعوف وصبيح وشيبان ، وأمهم الوارثة من بني يشكر . . وعمرو ، وأمه جذرة . ( المعارف : 100 )
13 - بنو ربيعة أو أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان ، ومنهم : عبد الله بن خارجة بن حبيب أحد الشعراء زمن الدوؤلة
الأموية ( معجم قبائل العرب : 3 : 1183 ) وهانئ بن قبيصة بن هانئ الشيباني .
14 - بنو سعد بن مرة بن ذهل بن شيبان ( المصدر السابق : 2 : 519 ) ومنهم طلاب بن حوشب أحد أصحاب الإمام الباقر ( عليه السلام ) .
15 - بنو سيار بن مرة بن ذهل بن شيبان ( المصدر السابق : 2 : 569 )
16 - بنو عمرو بن مرثد بطن من بني شيبان بن ثعلبة بن عكابة ( المصدر السابق : 2 : 836 )
17 - بنو كثير بن مرة بن ذهل بن شيبان ( المصدر السابق : 3 : 978 )
18 - بنو محلم بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة والنسب إليه محلمي ( الأنساب : السمعاني : 5 : 216 ) ومنهم عوف بن محلم من أشراف العرب
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 13 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
في الجاهلية ، الذي قال عنه ملك الحيرة عمرو بن هند : لا حر بوادي عوف . ( الأعلام : 5 : 96 )
19 - بنو مرة بن الحارث بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان ، استوطنوا خراسان بعد الفتح الإسلامي . ( الأعلام : 8 : 94 )
20 - بنو مرة بن ذهل ، وهو أبو جساس قاتل كليب ، وقد قتلوا منهم كثيراً بكليب لكن زاد عددهم . ( شرح نهج البلاغة : 4 : 19 )
21 - مرة بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان شاعر جاهلي ، قال :
يا صاحبي ترحلا وتقربا * فلقد أنَى لمسافر أن يطربا
طال الثواء فقربا لي بازلاً * وَجْناء تقطع بالرداف السبسبا
( معجم البلدان : 5 / 197 )
22 - المزدلف ، وهو عمرو بن أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان ( معجم قبائل العرب : 3 : 1082 ) ، وسمي المزدلف لأنه قال في الحرب : يا بني بكر بن وائل إزدلفوا بمقدار رميتي برمحي هذا ، وكان فارساً صاحب وقائع ، أسره بنو تميم في وقعة يوم جوف الدار في هجر ( الأعلام : 5 : 222 )
23 - بنو مصقلة بن هبيرة بن شبل ، ومنهم علي بن شجاع المصقلي الصوفي وابنه أحمد ( الأنساب : 5 : 314 )
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 14 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
24 - نضلة بن مرة ، بطن من شيبان ( معجم قبائل العرب : 3 : 1183 )
25 - همام بن مرة ، بطن من مرة بن ذهل ( المصدر السابق : 3 / 1224 ) ، وهو أخ جساس قتل في حرب البسوس ، ومنهم معن بن زائدة .
26 - بنو مازن بن شيبان ، وهم شرقي دجلة في جهة الموصل ، وأكثر أئمة الخوارج في ربيعة منهم ( المصدر السابق : 2 : 622 )

5 - منازل بني شيبان ومياههم

بَتَّا : من قرى النهروان من نواحي بغداد ( معجم البلدان : 1 : 334 )
جدِّية : أرض بنجد كانت لبني شيبان ( المصدر السابق : 2 : 115 )
قشاوة : جرت لهم فيها وقعة مع بني سليط ( المصدر السابق : 4 : 351 )
المسناة : ماء لبني شيبان . ( معجم ما استعجم : 4 : 1229 )
سلامان : ماء لهم على طريق مكة . ( المصدر السابق : 3 : 745 )
ثيتل : ماء لبني شيبان ( المصدر السابق : 1 : 351 )
كاظمة : من مياه بني شيبان ( المصدر السابق : 4 : 1110 )
ذي قار : وفيه جرت وقعتهم مع الفرس .
نهي : ماء لبني شيبان كانت لهم فيه وقعة مع تغلب .
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 15 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

الفصل الثاني : حروب بني شيبان

حاربت شيبان قبائل ودولاً

وقد اشتهرت حرب البسوس بينهم وبين بني عمهم بني تغلب بن وائل . ولهم حروب مع تميم ، وأياد ، وكعب . . . كما حاربوا ملك الحيرة ، وملك الشام ، ثم حاربوا إمبراطورية الفرس .

حرب البسوس

وقد استمرت نحو أربعين سنة وانتهت في سنة 534 ميلادية ، وسببها قتل جساس بن مرَّة البكري لكليب بن ربيعة الجشمي التغلبي ، فقد كانت قبائل معد ملكت عليها كليباً لبطولته في حربهم مع قبائل اليمن يوم خزاز ( الكامل : 1 / 520 ) فكان يأمرهم فيطيعونه ، ثم بغى عليهم فكان يحمي مواقع السحاب فلا يرعى أحد فيها ، وإذا رعت إبله في مكان يمنع أن يرعى معها غيرها ، ويمنع مرور أحد بين بيوته ! وكان يقول : وحش أرض كذا جواري ، فلا يصيد منها أحد !
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 16 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
وتزوج كليب جليلة بنت مرة أخت جساس ، وحمى أرضاً بالعالية ، وهي هضبة في نجد ، وكان جساس يرعى إبله فيها برضى كليب ، فنزل سعد بن شميس بن طوق الجرمي ضيفاً على البسوس بنت منقذ التميمية خالة جساس ، فطلبت من جساس أن يرعى ناقة سعد بن شميس مع إبله ، وخرج كليب ذات يوم يتفقد الإبل ومراعيها ، فرأى ناقة سعد بن شميس وكانت تسمى سراب ، ترعى مع إبل جساس فأنكرها فقال لجساس : لا تعد هذه الناقة إلى هذا الحمى ، فقال جساس : لا ترعى إبلي مرعى إلا وهذه معها ، فقال كليب : لئن عادت لأضعن سهمي في ضرعها ! فقال جساس : لئن وضعت سهمك في ضرعها لأضعنَّ سنان رمحي في لبتك ( عنقك ) ثم تفرقا !
وخرج كليب مرة أخرى يتصفح الإبل فوجد تلك الناقة فرمى ضرعها بسهم فولت ولها عجيج عظيم حتى انتهت إلى خباء صاحبها ، فلما رآها صاح : وا ذلاه ، وخرجت البسوس على صوت صراخ ضيفها ، فوضعت يدها على رأسها ثم صاحت وا ذلاه ! وجساس يراها ، فقال لها : سأقتل جملاً أعظم من هذه الناقة ، فظنوا أنه يريد قتل غلال فحل إبل كليب ! وخرج كليب
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 17 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
يوماً آمناً فتبعه جساس فقتله ووضع عليه أحجاراً وعاد إلى منزله . وعلم المهلهل بن ربيعة أخو كليب بالأمر ، فأنشد :
قتيل ما قتيل المرء عمرو * وجساس بن مرة ذي صريم
أصاب فؤاده بأصم لَدْنٍ * فلم يعطف هناك على حميم
فإن غدا وبعد غد لرهن * لأمر ما يقام له عظيم
جسيماً ما بكيت به كليباً * إذا ذكر الفعال من الجسيم
وبلغ جساس منزله وأخبر أباه مرة بالخبر ، فأرسل أبوه إلى قومه يدعوهم إلى نصرته ، فشحذوا السيوف وقوَّموا الرماح وتهيؤوا للرحلة والحرب . وأرسل المهلهل رجالاً إلى مرة بن ثعلبة أبو جساس فعرضوا عليه أربعة خلال : إما أن يحيي كليباً ، أو يدفع إليهم أحد ولديه جساس أو همام ليقتل به ، أو يمكِّنهم من نفسه فقال : أما إحيائي كليباً فلست بقادر عليه ، أما جساس فإنه غلام ظعن على عجل ولا يدرى أيِّ بلاد قصد ، وأما همام فهو أبو عشرة وأخو عشرة وعم عشرة ، ولن يسلمه قومه بجريرة غيره ، أما أنا فما هي إلا أن تجول الخيول فأكون أول قتيل ، ولن أتعجل الموت . ثم عرض عليهم أن يقتلوا أحد أولاده غير جساس ومرة بكليب ، أو يدفع دية لهم ألف ناقة ، فأبوا ، واستعرت الحرب واستمرت أربعين عاماً وكان فيها أيام مشهورة كيوم عنيزة : وهو
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 18 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
أول يوم التقوا فيه وتناصف الفريقان ، فلم تكن فيه الغلبة لأحد من الفريقين ، ثم تفرقوا !
ويوم نهي : وهو ماء كانت بني شيبان نازلة عليه ، وكان مهلهل يقود تغلب ، والحارث بن مرة يقود شيبان ، فقتلت بين الطرفين قتلى كثيرة ، وكانت الدائرة فيه لتغلب .
ويوم الذنائب : وهي وقعة عظيمة كانت بينهم ، قتل فيها شرحبيل بن مرة ، والحارث بن مرة .
ويوم واردات : حيث ظفرت تغلب واستحرَّ القتل في بني شيبان وقتل فيه همام بن مرة . فبعث مرة ابنه جساساً إلى الشام ، وبعثت تغلب رجالاً لتعقبهم فظفروا بهم وقتل جساس واثنان معه .
ويوم تحلاق اللمم : حيث حلقت بكر بن وائل رؤوسها ليعرفوا فسمي بذلك ( الكامل : 1 / 532 ) .
ويوم الحنو : بذي قار انتصرت فيه بكر على تغلب ( المعارف / 605 ) .
ويوم فطيمة : موضع بالبحرين ، اشتركت فيه بنو شيبان وبنو ضبيعة من ربيعة على تغلب ( معجم البلدان : 4 / 268 ) .
ويوم صعاب : رمال بين البصرة واليمامة ، قتل فيه الحارث بن مرة أخو جساس ( الأعلام : 8 / 94 ) . ولهم مع تغلب أيام أخرى !
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 19 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

حروبهم مع بني تميم

وهي كثيرة ، منها : يوم نقف قشاوة : وفيه أغار بسطام بن قيس الشيباني ، وهو من أشهر فرسان العرب ، على بني يربوع فأتاهم ضحى في يوم ريح ومطر وقد عادت إبلهم من الرعي فأخذها ، فتبعه بنو يربوع لإستنقاذها فقتل منهم وأسر .
ويوم الغبيط : فيه أغار بسطام بن قيس على بعض بطون تميم ، وكانوا متجاورين في صحراء فلج ، وهي واد في البصرة لبني العنبر من تميم ( معجم البلدان : 4 / 271 ) فانهزم التميميون وقتل منهم مقتلة عظيمة ، وساق إبلهم وأموالهم ، فتبعتهم بنو مالك وبنو اليربوع من تميم ، فادركوا بسطاماً بغبيط المدرة ، فقاتلوهم وصبر الفريقان ثم انهزم أصحاب بسطام ووقع هو في الأسر ، ثم فدى نفسه بألف بعير ، واستعادت تميم أموالها . ( الكامل : 1 ا / 600 ) .
ويوم زبالة : وفيه أغار الأقرع بن حابس المجاشعي التميمي على بني شيبان ، فلقيه بسطام وعمران بن مرة في زبالة ، موضع بين مكة والكوفة ، فاقتتلوا قتالاً شديداً ظفرت فيه بنو شيبان ، ووقع الأقرع بن حابس وأخوه أسيرين في أيديهم ، ثم فدى نفسه فأطلق بسطام سراحه . ( المصدر السابق : 1 / 602 ) .
- - - - - - - -يريد قتل غلال فحل إبل كليب ! وخرج كليب
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 17 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
يوماً آمناً فتبعه جساس فقتله ووضع عليه أحجاراً وعاد إلى منزله . وعلم المهلهل بن ربيعة أخو كليب بالأمر ، فأنشد :
قتيل ما قتيل المرء عمرو * وجساس بن مرة ذي صريم
أصاب فؤاده بأصم لَدْنٍ * فلم يعطف هناك على حميم
فإن غدا وبعد غد لرهن * لأمر ما يقام له عظيم
جسيماً ما بكيت به كليباً * إذا ذكر الفعال من الجسيم
وبلغ جساس منزله وأخبر أباه مرة بالخبر ، فأرسل أبوه إلى قومه يدعوهم إلى نصرته ، فشحذوا السيوف وقوَّموا الرماح وتهيؤوا للرحلة والحرب . وأرسل المهلهل رجالاً إلى مرة بن ثعلبة أبو جساس فعرضوا عليه أربعة خلال : إما أن يحيي كليباً ، أو يدفع إليهم أحد ولديه جساس أو همام ليقتل به ، أو يمكِّنهم من نفسه فقال : أما إحيائي كليباً فلست بقادر عليه ، أما جساس فإنه غلام ظعن على عجل ولا يدرى أيِّ بلاد قصد ، وأما همام فهو أبو عشرة وأخو عشرة وعم عشرة ، ولن يسلمه قومه بجريرة غيره ، أما أنا فما هي إلا أن تجول الخيول فأكون أول قتيل ، ولن أتعجل الموت . ثم عرض عليهم أن يقتلوا أحد أولاده غير جساس ومرة بكليب ، أو يدفع دية لهم ألف ناقة ، فأبوا ، واستعرت الحرب واستمرت أربعين عاماً وكان فيها أيام مشهورة كيوم عنيزة : وهو
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 18 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
أول يوم التقوا فيه وتناصف الفريقان ، فلم تكن فيه الغلبة لأحد من الفريقين ، ثم تفرقوا !
ويوم نهي : وهو ماء كانت بني شيبان نازلة عليه ، وكان مهلهل يقود تغلب ، والحارث بن مرة يقود شيبان ، فقتلت بين الطرفين قتلى كثيرة ، وكانت الدائرة فيه لتغلب .
ويوم الذنائب : وهي وقعة عظيمة كانت بينهم ، قتل فيها شرحبيل بن مرة ، والحارث بن مرة .
ويوم واردات : حيث ظفرت تغلب واستحرَّ القتل في بني شيبان وقتل فيه همام بن مرة . فبعث مرة ابنه جساساً إلى الشام ، وبعثت تغلب رجالاً لتعقبهم فظفروا بهم وقتل جساس واثنان معه .
ويوم تحلاق اللمم : حيث حلقت بكر بن وائل رؤوسها ليعرفوا فسمي بذلك ( الكامل : 1 / 532 ) .
ويوم الحنو : بذي قار انتصرت فيه بكر على تغلب ( المعارف / 605 ) .
ويوم فطيمة : موضع بالبحرين ، اشتركت فيه بنو شيبان وبنو ضبيعة من ربيعة على تغلب ( معجم البلدان : 4 / 268 ) .
ويوم صعاب : رمال بين البصرة واليمامة ، قتل فيه الحارث بن مرة أخو جساس ( الأعلام : 8 / 94 ) . ولهم مع تغلب أيام أخرى !
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ 19 ] - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

حروبهم مع بني تميم

وهي كثيرة ، منها : يوم نقف قشاوة : وفيه أغار بسطام بن قيس الشيباني ، وهو من أشهر فرسان العرب ، على بني يربوع فأتاهم ضحى في يوم ريح ومطر وقد عادت إبلهم من الرعي فأخذها ، فتبعه بنو يربوع لإستنقاذها فقتل منهم وأسر .
ويوم الغبيط : فيه أغار بسطام بن قيس على بعض بطون تميم ، وكانوا متجاورين في صحراء فلج ، وهي واد في البصرة لبني العنبر من تميم ( معجم البلدان : 4 / 271 ) فانهزم التميميون وقتل منهم مقتلة عظيمة ، وساق إبلهم وأموالهم ، فتبعتهم بنو مالك وبنو اليربوع من تميم ، فادركوا بسطاماً بغبيط المدرة ، فقاتلوهم وصبر الفريقان ثم انهزم أصحاب بسطام ووقع هو في الأسر ، ثم فدى نفسه بألف بعير ، واستعادت تميم أموالها . ( الكامل : 1 ا / 600 ) .
ويوم زبالة : وفيه أغار الأقرع بن حابس المجاشعي التميمي على بني شيبان ، فلقيه بسطام وعمران بن مرة في زبالة ، موضع بين مكة والكوفة ، فاقتتلوا قتالاً شديداً ظفرت فيه بنو شيبان ، ووقع الأقرع بن حابس وأخوه أسيرين في أيديهم ، ثم فدى نفسه فأطلق بسطام سراحه . ( المصدر السابق : 1 / 602 ) .